-A +A
عبدالله صادق دحلان
منذ سنوات طويلة والصين تخطط لأن تصبح أحد أقوى الاقتصاديات في العالم وقد تحقق للصين ما كانت تخطط له دون ضجة إعلامية أو استعراض قوى عسكرية أو تدخل في شؤون الغير.
وتوجهت الصين إلى بناء اقتصاد عالمي منافس بالجودة والسعر، واستطاعت الصين أن تغزو العالم، وتهدد منتجات الدول الصناعية الكبرى في أسواقها، ولم تقف الصين عند برامج الإنتاج في الصين فقط وإنما دفعت شركاتها للعالمية والخروج للاستثمار في مختلف دول العالم.
إلا أن نمو الصين الاقتصادي بدأ يشكل خطراً على الدول الصناعية الكبرى في الغرب وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وبريطانيا؛ ما دفع هذا التكتل الغربي إلى التخطيط لوقف نمو الاقتصاد الصيني من خلال وضع العقبات والعراقيل لتجارة الصين الخارجية ومحاولة زعزعة نموها الصناعي المشترك داخل الصين من خلال تجميد بعض من الشراكات الغربية وسحبها إلى أوطانها مرة أخرى، ما دفع الصين إلى شراء بعض الشركات الصناعية الأوروبية والأمريكية في موطنها.
وعندما تتساوى القوى بين الدول الكبرى ويعجز أحد الأطراف تحقيق الانتصار تذهب المنافسة لاستقطاب الحلفاء من الدول الأخرى.
وفي حالة الصين عملت أمريكا وأوروبا على استقطاب دول الخليج كأكبر مصدر للبترول العالمي وصاحبة أكبر مخزون بترول وغاز عالمي بعد الولايات المتحدة.
وظللنا في شد وجذب بين الغرب والشرق رغم سياسة المملكة المعتدلة في العلاقات خلال تاريخ المملكة ولم تكن المملكة مقفلة الأبواب على تكتل واحد وإنما كانت منفتحة على جميع دول العالم التي لنا معهم مصالح مشتركة.
إلا أن الغرب والولايات المتحدة كان لها السيطرة الفكرية على القيادات التنفيذية الاقتصادية عامة وخاصة بحكم احتضانها لهم علمياً فكانت البعثات السعودية إلى الولايات المتحدة وأوروبا وعاد مئات الآلاف من الخريجين مرتبطين بالفكر الغربي الاقتصادي نظرية وتطبيقاً.
وللحقيقة لقد استطعنا أن نبني قواعد اقتصادية بالتعاون المشترك مع الغرب، إلا أن المستقبل يحتم علينا ان نبني قواعد اقتصادية أخرى مع شريك أو أكثر من شريك في قارة آسيا التي ننتمي إليها، وقد يكون البديل الأقوى الصين أولاً ثم اليابان وكوريا والهند.
وهذا هو الاتجاه الحكيم الذي تقوده حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ممثلة في سمو الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس المجلس الاقتصادي والذي يرأس وفد المملكة في حلته الأولى والثانية للصين، ويتضمن أكبر القيادات الاقتصادية والتي استطاعت أن توقع مجموعة اتفاقيات تعاون اقتصادي مهمة للتنمية في بلادنا، وحسب أولويات الاحتياجات للمواطن السعودي تأتي اتفاقية وزارة الإسكان مع شركات صينية متخصصة للتطوير العقاري والمؤهلة لتنفيذ مشروع (ضاحية الأصفر) على الدائري الشرقي للأحساء في المنطقة الشرقية على مساحة نحو (54) مليون متر مربع لبناء مئة ألف وحدة سكنية، بالتعاون مع بعض الشركات السعودية المتخصصة.
وتعتبر هذه الاتفاقية الثانية من نوعها التي توقع مع دول متقدمة في آسيا، إذ كانت الأولى في شهر مارس الماضي بالعاصمة الكورية الجنوبية (سيئول) مع تحالف كوري سعودي للتطوير لبناء مئة ألف وحدة سكنية شمال مدينة الرياض (ضاحية الفرسان) إذ يمثل تحالف شركتين كورية وشركة سعودية، والاتفاقية الثالثة كانت مع تجمع شركات مصرية وهناك اتفاقية ستوقع مستقبلاً مع تركيا، وهذا يؤكد سياسة المملكة إلى توثيق علاقاتها الاقتصادية مع دول قارة آسيا وهو تحالف اقتصادي قوي يعزز تحالفها السياسي لخدمة القضايا العربية وعلى رأسها قضية فلسطين المحتلة.
أكتب اليوم وأنا فخور جداً بتوثيق وتطوير العلاقات مع الصين عملاق الاقتصاد الآسيوي والعالمي؛ وهو الأهم في المرحلة القادمة في ضوء الحرب على الإسلام والمسلمين.
وإذا جاز لي الاقتراح أتمنى أن تبرم اتفاقية تعاون تعليمي مع الصين لبناء جامعة صينية ـ سعودية أو خليجية في مجال الأعمال والتقنية.
كما أتمنى أن يفرض على شركات البناء الصينية والكورية والتركية التي وقعت اتفاقيات لمشاريع الإسكان شراء مستلزمات البناء من الأسواق المحلية وتشغيل نسب من المهندسين السعوديين.

* كاتب اقتصادي سعودي


abdullahdahlan@yahoo.com